*تهافت الوفود على سوريا؛ الأسباب والدوافع* *بقلم المهندس/حسب الله النور*

بسم الله الرحمن الرحيم
*تهافت الوفود على سوريا؛ الأسباب والدوافع*
*بقلم المهندس/حسب الله النور*
شهدت سوريا، بعد هروب الأسد وتولي أحمد الشرع رئاسة الإدارة المدنية، حركة دبلوماسية نشطة حيث توالت عليها الوفود تترى. فقدم إليها وزير الخارجية الفرنسي مع نظيرته الألمانية بصفتهما يمثلان الاتحاد الأوروبي، كما زارها وفد أمريكي رفيع المستوى على رأسه مساعدة وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط، يرافقها المبعوث الرئاسي لشؤون الشرق الأوسط والمستشار دانيال روبنستين المكلف حديثاً بقيادة جهود الخارجية الأمريكية في سوريا. كما زارها وفد من المملكة المتحدة ووفود من دول عربية مثل الأردن وقطر والسعودية وغيرها.
التعليق:
لمعرفة أسباب ودوافع هذا التهافت، من الضروري الوقوف على ما تم من لقاءات، وما صدر من تصريحات، وما شرط من اشتراطات، وما قدم من مطالبات، وما بطّن من تهديدات. بادر وزير خارجية فرنسا، بارو، زيارته بلقاء الزعماء الروحيين للطوائف النصرانية، ولفت خلال كلمة في دمشق، إلى أن بلاده ستقف إلى جانب ممثلي المجتمع المدني، والنصارى في سوريا. وعرض، خلال الكلمة، على الإدارة السورية الجديدة تقديم المعونة الفنية والقانونية لصياغة دستور للبلاد. بدوره، قال المتحدث باسم الخارجية الفرنسية كريستوف لوموان، إن تقييم بلاده للسلطات السورية الجديدة سيكون بناء على أفعالها، وليس على الخطابات أو إعلان النوايا. وقال بارو، الذي التقى الشرع يوم الجمعة مع وزيرة الخارجية الألمانية، إن هناك عقوبات سنناقشها مع شركائنا الأوروبيين ويمكن رفعها، ولكن من الواضح أن ذلك يعتمد على السرعة التي تؤخذ بها توقعاتنا لسوريا، فيما يتعلق بالنساء، والأمن، في الاعتبار.
بعد اللقاء، قالت وزيرة الخارجية الألمانية إنها أبلغت قائد الإدارة السورية الجديدة، أن أوروبا لن تقدم أموالاً “للهياكل الإسلامية الجديدة”. وأضافت أنه يجب إشراك كل الطوائف في عملية إعادة الإعمار، مؤكدة الحاجة إلى ضمانات أمنية موثوقة للأكراد.
أما الإدارة الأمريكية، فطالبت بتشكيل حكومة تمثل كل المكونات في سوريا، وقالت إن إجراءاتها المحتملة تجاه هيئة تحرير الشام، والإدارة الجديدة في سوريا ستحددها الأفعال على الأرض، وليس الأقوال. في غضون ذلك، قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، إن هناك حاجة إلى خطوات ملموسة فعلية، لبناء حكومة شاملة غير طائفية في سوريا. وأضاف في مقابلة بودكاست مع موقع بلومبيرغ، أن واشنطن تريد أن توضح لهيئة تحرير الشام، أن الاعتراف يقابله توقعات معينة، وأن الجميع يحتاج إلى رؤية خطوات فعلية لبناء حكومة شاملة، وانتقال يؤدي إلى انتخابات، وحكم ديمقراطي، مشيراً إلى أن بلاده تنظر في جميع السلطات التي لديها بشأن العقوبات.
وقد لخص لافروف مقاصد هذه الدول قائلاً: “إن القوى الغربية لا يهمها وحدة سوريا بقدر اهتمامها بالحصول على أكبر حصة ممكنة من التأثير، والأراضي، والموارد”.
إن إمعان النظر في كل المواقف السابقة، يوصل إلى نتيجة واحدة مفادها، أن هذه الدول حريصة على ألا تخرج الإدارة المدنية الجديدة في سوريا عن النظام الدولي، وأن تضع الإسلام الذي رفعت شعاره وراء ظهرها، وأن تغلق باب الجهاد الذي فتحته، وأن تخفض راية الخلافة التي رفعتها. ولكن نقول لهم: إن الإسلام هو ديننا، وإن الجهاد هو ذروة سنامه، وإن الخلافة هي وعد ربنا سبحانه، قال تعالى: ﴿وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً﴾، وإن الخلافة هي بشارة نبينا ﷺ، كما ورد في مسند الإمام أحمد: «ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ»، وإنها لكائنة ورب الكعبة، ويومئذٍ يفرح المؤمنون بنصر الله.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
المهندس حسب الله النور – ولاية السودان