مقالات الرأي
أخر الأخبار

لا يمكن وصف جميع المجتمعات التي تعيش أطراف العاصمة بأنهم خارج القانون وجميعهم مجرمون. بقلم زكي شيكو

لا يمكن وصف جميع المجتمعات التي تعيش أطراف العاصمة بأنهم خارج القانون وجميعهم مجرمون
بقلم: زكي شيكو

على أطراف العاصمة، في أحياء قد لا تصلها الكاميرات ولا تسأل عنها النشرات الإخبارية، يعيش بشر من لحم ودم، بوجوه أنهكها الزمن، وأكتاف حملت ما لا يُحتمل، وقلوب مملوءة بكرامة لا تُشترى ولا تُقاس.

في كل صباح، يخرج المئات، بل الآلاف، من أزقة تلك الأحياء، متجهين إلى الورش والمصانع، إلى الأسواق ومواقف المواصلات، إلى المزارع ومواقع البناء. يركبون “الهايس” المكتظة، يقطعون المسافات الطويلة بأجسادهم المتعبة، كل ذلك من أجل لقمة حلال. لا يسألون، لا يشتكون، فقط يعملون بصمت، لأنهم تعلموا أن الكرامة لا تُصنع بالكلام بل بالفعل.

ثم يأتي من يضعهم جميعًا في كفة واحدة، يصمهم بالجرم، بالخطر، بالفوضى! أي ظلم هذا؟ أي عقل يمكن أن يقبل أن تُختزل حياة بشر كاملين، في تصرفات قلة خارجة عن القانون؟

الصور التي نراها ليست لمجرمين ولا قطاع طرق. هؤلاء هم أهلنا، إخوتنا، أصدقاؤنا. شباب في مقتبل العمر، نساء يكافحن لتربية أبنائهن، رجال أنهكتهم السنين لكنهم ما زالوا يقاومون، ما زالوا يخرجون في الصباح ويعودون في المساء حاملين تعبهم لا ذلّهم.

الجرم ليس في فقرهم، بل في من يصر على تجاهلهم. الجريمة الحقيقية هي تهميشهم، إقصاؤهم، حرمانهم من فرص التعليم والرعاية والخدمات، ثم اتهامهم بأنهم خطر على المدينة.

الحقيقة أن من يعيشون على هامش العاصمة هم قلب هذا الوطن، هم من يقفون خلف كل جدار طوب، وكل منتج شعبي، وكل حركة حياة. إن كنا نبحث عن الأمن، فالعدل أول الطريق. وإن كنا نريد التماسك المجتمعي، فالاحترام أساسه.

كفى تعميمًا، كفى اتهامًا. ليست الأحياء هي التي تخرّج المجرمين، بل الإهمال، التمييز، والإقصاء هو ما يصنع التطرف.

أعطوهم فرصًا، انظروا إليهم كأبناء وطن لا كغرباء، وستندهشون من كم النبل والكرامة الذي يسكن تلك البيوت المتواضعة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى