( في العمق )
هشام محمود سليمان
تحرير الخرطوم ميلاد جديد للوطن:-
————–
في السادس والعشرين من رمضان 1446هـ الموافق 26 مارس 2025م سطر السودانيون ملحمة تاريخية بعودة الخرطوم إلى أحضان الوطن بعد معاناة طويلة وتضحيات عظيمة كان هذا اليوم أكثر من مجرد حدث سياسي أو عسكري كان لحظة ميلاد جديدة تعبيرا عن إرادة لا تنكسر وصمود امتد لعام كامل من الألم والمعاناة
لم يكن تحرير الخرطوم مجرد انتصارٍ عسكري بل كان تجسيدا لصبر شعب لم يفقد الأمل رغم القهر والمعاناة فطوال الأشهر الماضية ظل السودانيون يؤمنون بحقهم في استعادة عاصمتهم ورفضوا الاستسلام لواقع فرضته الفوضى والنزاعات لقد انتصروا لأنهم لم يتخلوا عن حلمهم ولم يسمحوا للمحن بأن تسلبهم هويتهم
رمضان والانتصار ارتباط روحي عميق:-
لطالما كان رمضان شهر الفتوحات الكبرى في تاريخ الأمة الإسلامية ومن بين أيامه العظيمة جاء هذا اليوم ليسجل صفحة جديدة في سجل البطولات السودانية كما شهدت الأرض انتصارات خالدة في بدر وفتح مكة ها هي الخرطوم تشهد ولادة جديدة حيث امتزجت تكبيرات الفرح مع دموع الفقد ليكون هذا اليوم رمزا للصبر والثبات
رغم الفرحة الغامرة بتحرير الخرطوم إلا أن التحديات الحقيقية تبدأ الآن إعادة إعمار المدينة وإعادة الحياة إلى مؤسساتها ورأب الصدع بين أبناء الوطن كلها مهام تحتاج إلى تضافر الجهود وإلى وعي بأن النصر لا يكتمل إلا بتحقيق السلام والاستقرار والتنمية
على السودانيين أن يدركوا أن معركة البناء لا تقل أهمية عن معركة التحرير فلا يمكن السماح بانزلاق البلاد مجددا في دوامات الصراعات ولا بد من العمل على تأسيس وطن يقوم على العدل والمواطنة بعيدا عن أي انقسامات تعيد إنتاج المآسي
تحرير الخرطوم لم يكن مجرد حدث عابر بل كان درسا بليغا مفاده أن السودان لا يهزم ما دام شعبه متحدا لقد أثبت السودانيون أن إرادتهم أقوى من أي قوة وأن اختلافاتهم يجب أن تكون مصدر تنوع وقوة لا سببا للتمزق والتناحر
اليوم ونحن نعيش نشوة النصر علينا أن نجعل من هذا اليوم ذكرى وطنية متجددة وشعارا بأن السودان قادر على النهوض مهما كانت التحديات فلنمض معا نحو بناء دولة تليق بتضحيات الأبطال الذين صنعوا هذا اليوم التاريخي
المجد للشهداء والتحية لكل من ساهم في تحرير الخرطوم
