مقالات الرأي
أخر الأخبار

مؤتمر دينكا أبيي الثاني… فرصة الدولة لاختبار صدق نواياها منبر_الكلمة بقلم: جلال الجاك أدول

مؤتمر دينكا أبيي الثاني… فرصة الدولة لاختبار صدق نواياها
منبر_الكلمة
بقلم: جلال الجاك أدول

في ظل الضبابية السياسية والتحديات الأمنية التي تخيم على البلاد، يبرز المؤتمر الثاني للمجلس الأعلى لتنسيق شؤون دينكا أبيي كواحد من الأحداث ذات الطابع الخاص، ليس فقط لأنه يُعقد في لحظة دقيقة، بل لأنه يختبر مدى جدية الدولة في التعامل مع قضية لم تُنصف منذ عقود.

كان من المقرر أن يُعقد المؤتمر في 15 أبريل الجاري بمدينة بورتسودان، لكن اللجنة المنظمة أعلنت عن تأجيله لأسباب لوجستية إلى يوم 20 من نفس الشهر. تأجيل لا يبدّد الأمل، بل يزيد من الترقب، خاصة وأن هذه النسخة من المؤتمر تحظى بزخم شعبي كبير، واهتمام بالغ من أبناء دينكا أبيي في كل مكان.

تأتي أهمية هذا المؤتمر من كونه يمثل صوتًا جمعيًّا لشعب ظل معلقًا بين حكومتين؛ حكومة السودان من جهة، وحكومة جنوب السودان من جهة أخرى، دون أن يحسم مصيره السياسي بشكل واضح. ومع مرور السنوات، باتت أبيي عنوانًا للخذلان والتجاهل الرسمي، بينما يعاني المواطن فيها من التهميش وانعدام الخدمات، بل وانعدام الإحساس بالانتماء الوطني الكامل.

في هذا السياق، فإن المؤتمر الثاني ليس مناسبة بروتوكولية أو لقاءًا اعتياديًا، بل هو منصة حيوية لطرح قضايا مصيرية، ومطالبة الدولة بحقوق مشروعة. المؤتمر يحمل أوراقًا مهمة تتعلق بالوضع السياسي والإداري والخدمي، ويفتح باب النقاش حول علاقة المجلس بالحكومة المركزية، ودوره في تمثيل صوت دينكا أبيي داخل مؤسسات الدولة.

لكن الأهم من كل ذلك، هو: ماذا بعد المؤتمر؟
هنا تُختبر الدولة. هل سيكون هذا اللقاء مجرد مناسبة أخرى تنتهي عند حدود الكلمات الجميلة والخطب الرنانة؟ أم سيكون لحظة فاصلة في تعامل الحكومة مع قضية عادلة تأخرت في إيجاد الحلول لها؟

إن مخرجات هذا المؤتمر، إذا ما أُخذت على محمل الجد، تمثل بداية لتصحيح مسار تاريخي من التجاهل. أبناء أبيي لا يريدون امتيازات، بل يطالبون بحقوقهم الدستورية كمواطنين سودانيين كاملي المواطنة، لهم الحق في التنمية، في الأمن، في التعليم، في الصحة، وفي التمثيل السياسي الحقيقي.

وإذا أرادت الحكومة أن تثبت صدق نواياها تجاه حلحلة قضايا الهامش، فعليها أن تبدأ بتنفيذ توصيات هذا المؤتمر دون تسويف أو مماطلة. فالوقت لم يعد يحتمل التردد، والناس هناك أنهكهم الانتظار، وأرهقهم العيش على هامش الاهتمام الوطني.

قد لا يكون هذا المؤتمر عصا سحرية تُنهي كل المشاكل، لكنه بلا شك فرصة حقيقية للدولة أن تنظر في مرآتها، وتعيد الاعتبار لمواطنيها في أبيي. الفرصة لا تزال قائمة، فهل تلتقطها الحكومة؟ أم نضيف مؤتمرًا آخر إلى أرشيف النسيان؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى