
نحويّات المساء
محمد النحوي الشريف
تجّار الأزمات.. الكسب على حساب المعاناة
في ظل الظروف العصيّة التي يمر بها الوطن جرّاء الحرب التي دمّرت بنياته الأساسية وأرملت الكثير من نسائه وشرّدت الكثير من مواطنيه على أيادي مليشيا الغدر والخيانة وأوباشهم من دول الشر وحلفائهم، يظل هناك فئة من الناس تدير أعمالها منذ بداية الحرب بدون أدنى رحمة أو مراعاة للظروف المعقدة القاسية. إنهم تجار الأزمات، الذين يستغلون بلا رحمة ظروف هذه الحرب منذ بدايتها وازدادوا سوءًا على ماكانوا عليه في هذه الأيام لزيادة ثرواتهم على حساب معاناة المواطن المغلوب على أمره.
هذه الفترة شهدت ارتفاعًا حادًا وجنونيًا في الأسواق في أسعار المواد الغذائية، ومستلزمات المدارس، والدواء، وإيجارات السكن، ومعظم احتياجات الأسرة، وهو ما جعل تكلفة المعيشة مرتفعة للغاية وفوق طاقة الجميع لولا البركة التي تحلّ علينا من الكريم الجوّاد. فإنهم تجار الأزمات أيها السادة يعرفون جيدًا كيف يجنون المال عبر استغلال حاجة الناس للسلع الأساسية والضرورية. يجرّدون المواطنين المحرومين حتى من أبسط حقوقهم بأسعارهم المبالغ فيها وأعمالهم الاحتيالية والمشبوهة.
أصبحت أسواقنا مليئة بالجشع والسمسرة، حيث يضحكون على ظهور البؤس والمعاناة لزيادة مكاسبهم الشخصية. لكن هل تبقى ضمائر هؤلاء التجار المغطاة بالغبار والمال الحرام دون عقاب أو محاسبة؟
من الضروري بشدة أن تتدخل السلطات لمراقبة ورصد الأسواق. ويجب على اللجان المختصة في الأمر تفتيش السوق وتطبيق القوانين الصارمة التي تحمي المواطن من انتهازية تجار الأزمات وتجبرهم على الامتثال للقواعد والأخلاقيات التجارية.
من خلال سطور هذه النحويّات يتم إرسال رسائل شديدة اللهجة لتجار الأزمات الذين يسطرون حروب الأسعار هذه التي لا تقل درجة عن انتهاكات الجنجويد القتلة، نريد من خلالها التعبير عن رفضنا الشديد لممارساتهم التجارية الجشعة. لا يحق لأحد التلاعب بأوضاع المحتاجين ولا وألف لا للمزيد من استغلال ظروف الحرب للحصول على الربح والكسب بأي وسيلة.
في الختام، أيّها التجّار ندعوكم للتفكير في أفعالكم وتحمّل مسؤولية تجارتكم بأمانة أخلاقية ومجتمعية فأنتم مسؤولون أمام الله. لا تكونوا سببًا في زيادة معاناة من يعيشون في ظل الحروب، بل كونوا جزءًا من الحل والإغاثة لهؤلاء الذين فقدوا مافقدوا من أشيائهم.
ليكن السوق للرفق بالآخرين مهما عَلَت السلعة وعظمت، وليعم السلام والعدل والأمن والأمان أسواقنا ووطنا الحبيب.
elnahwi92@gmail.com
ْ
.