مقالات الرأي
أخر الأخبار

الحلو.. من قائد للنضال إلى نزيل بفواتير الدعم السريع! بقلم: زكي شيكو

الحلو.. من قائد للنضال إلى نزيل بفواتير الدعم السريع!

بقلم: زكي شيكو

19/فبراير

من المؤسف أن نرى تاريخ الحركة الشعبية، الذي كان رمزًا للنضال والتضحية، ينتهي بثمنٍ بخس لا يتجاوز “حق المواصلات والفنادق”، كما كشف فضل الله برمة ناصر في المؤتمر التأسيسي. لم تكن مشكلتنا في أن يجلس عبد العزيز الحلو مع الدعم السريع، فالتفاوض واللقاءات بين الخصوم أمر طبيعي في السياسة، لكن أن يصبح قائد الحركة الشعبية ضيفًا على نفقة الدعم السريع، فتلك هي الطعنة القاتلة في جسد النضال، وهي اللحظة التي يسقط فيها القناع، ويتلاشى ما تبقى من الاحترام.

الحلو وسقوط الرمزية: بين الشعارات والواقع

على مدار سنوات، بنى عبد العزيز الحلو صورته كقائدٍ يرفض الارتهان لأي طرف، ويعمل من أجل “السودان الجديد”، حيث لا تمييز ولا تبعية. كان يهاجم القوى السياسية الأخرى، ويتهمها بالانحياز لمصالحها، ويرفض أي شبهة دعم خارجي. لكنه اليوم، وللمفارقة، يقف في نفس الموقف الذي كان ينتقده، بل ربما في وضع أسوأ، إذ لم يكن الدعم الذي تلقاه دعمًا سياسيًا أو تحالفًا معلنًا، بل كان مجرد “فاتورة سفر وإقامة”، وكأن تاريخه كله اختُزل في تكلفة إقامة في فندق.

هذا التناقض الفاضح يكشف أن الشعارات التي ظل يرفعها لم تكن أكثر من غطاءٍ لمصالح آنية، وأن “السودان الجديد” الذي كان يبشر به، لم يكن إلا وسيلة للوصول إلى مكاسب شخصية، حتى لو كان الثمن هو بيع النضال بثمنٍ بخس.

القادة الحقيقيون لا يُشترون!

التاريخ مليء بالقادة الذين اختاروا أن يسيروا على درب المبادئ، ورفضوا أن يكونوا أدوات في يد أي جهة، حتى وإن دفعوا حياتهم ثمنًا لذلك. فهل يُعقل أن يكون عبد العزيز الحلو، الذي ظللنا نعتبره امتدادًا لقرنق، قد انتهى به المطاف مجرد مستفيدٍ من دعم ميليشيا مسؤولة عن تدمير السودان؟

لماذا لم يسلك مسلك القادة الذين فضلوا السجن والتشريد على أن يبيعوا مبادئهم؟ لماذا لم يستطع الصمود ولو قليلًا أمام إغراءات السلطة والمال؟ هل كان هذا هو الحلو الحقيقي طوال الوقت، ونحن فقط لم نكن نراه على حقيقته؟

التبعات السياسية: هل ما زال للحلو مكان؟

هذا السقوط المدوي لا يؤثر فقط على صورة عبد العزيز الحلو، بل يهزّ الحركة الشعبية نفسها. فكيف لأنصارها أن يدافعوا عن قائدٍ ارتضى أن يكون في موقف التابع؟ وكيف لحركةٍ كانت تصف نفسها بالمستقلة أن تقنع أنصارها بأنها ما زالت تملك قرارها؟

الرسالة التي وصلت إلى الجميع واضحة: من يقبل أن يكون تابعًا اليوم، لن يكون قادرًا على قيادة مشروع سياسي غدًا. والحركة الشعبية، التي كانت ترفع شعارات التحرر، تجد نفسها الآن أمام مأزق وجودي، فإما أن تعيد بناء نفسها بعيدًا عن شخصنة النضال، أو أن تسقط كما سقط قائدها.

هذا زمانك يا مهازل فامرحي!

لم يكن سقوط الحلو مفاجئًا تمامًا، لكنه جاء بطريقة لا تليق حتى بمن قرر أن يبيع تاريخه. فالسقوط هنا لم يكن نتيجة هزيمة عسكرية، ولا نتيجة ضغط سياسي لا مفر منه، بل جاء على شكل “فاتورة فندق وتذكرة سفر”! وهذا هو أقسى ما في الأمر.

نحن في زمن المهازل، حيث يُمسح التاريخ النضالي في لحظة، ويُستبدل بمصالح آنية لا تدوم. واليوم، لم يعد بإمكان أحد أن يتحدث عن “السودان الجديد” دون أن يُسأل: أي سودان جديد هذا، إن كان قائده يقيم على نفقة الدعم السريع؟!

رسالة إلى أنصار الحركة الشعبية

إلى كل من آمن بالحركة الشعبية، إلى كل من دافع عن مبادئها، إلى كل من اعتقد أن عبد العزيز الحلو يمثل الأمل، نقول: هذا ليس القائد الذي انتظرتموه، وليس الزعيم الذي يستحق الولاء. القادة الحقيقيون لا يُشترون، ولا يقبلون أن تُدفع لهم الفواتير من خصومهم.

إن كنتم تؤمنون فعلًا بمشروع التغيير، فابحثوا عن قيادة لا تخضع للإغراءات، ولا تبيع تاريخها مقابل رفاهية مؤقتة. أما الحلو، فقد اختار طريقه، ولم يعد جزءًا من معركة النضال، بل مجرد صفحة انتهت، وطُويت إلى الأبد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى