ناس الخرطوم الذين تفرقو بين القرى وبيوت الخرطوم التي هُجرت الأن ، المستشار / ياسر عثمان

ناس الخرطوم الذين تفرقو بين القرى
وبيوت الخرطوم التي هُجرت الأن ،
المستشار / ياسر عثمان
هي ليست مجرد بيوت لأُسر عاصميه عاشت في عزلة الجدران والحوائط واستغلت عن الجغرافيا
هذه البيوت كانت مضايف ودواوين أستقبلت المرضى وطلاب العلم والباحثين عن عمل ،
وضيوف هزيع الليل الذين انزلتهم القطارات واللواري والبصات من فجاج البلاد البعيدة والقريبة ،
كلهم استقروا فيها وعاشوا وسط رحابة ساكنيها وتقاسموا معهم الطعام والمحبة والفراش.
إتذكر وأنا صغير في منتصف الليل ياتي الوالد رحمة الله عليه ويصحي كل البيت والفرحه في كل تصرفاته ويقول لنا اصحوا في ضيوف وصلوا
وهذا المنظر لم انساه
لورى واقف وبه عدد من الرجال والنساء متلفحين بقماش أبيض كاد أن يكون لونه بني من شدة الاتربه
وفي منتصف الليل أشوف والدتي واخواتي الكبار داخل المطبخ
هذه تولع في نار الصاج وهذه تجهز في عدة الشاي والوالده نسأل الله أن يحفظها تعجن في الدقيق للعشاء
واختي الاخرى مع الضيوف من النساء تلبي طلباتهم
وانا ووالدي مع الرجال وتنتهي وجبت العشاء وبعدها الشاي
يظل ابي يتسامر مع الضيوف ويحكون في قصص وتحس من كلامهم كل واحد مشتاق للتاني وداير متي تاتي له الفرصه ليحكي قصته او موقفه ويظلون علي هذا الحال حتي يأذن الفجر
ويتحركون جميعآ للمسجد
والوالده بدورها بعد أن ينتهي العشاء والشاي تبتدي المرحله الثانيه من هذه الليلة السعيده وهي اعداد اللقيمات لشاي الصباح ويكون معها عدد من النساء الذين حضرن في نفس اللورى
هذه هي بيوت الخرطوم التي تم تدمير ها من قبل المتمردين
هذه البيوت التي اُخليت الأن من ساكنيها لم تكن مجرد بيوت فقط ولكنها كانت قيم وأخلاق بنيت بالترحاب والمودة والأواصر القوية
بيوت تمثل كل السودان صفات واخلاق وسلوك
هذه البيوت من كان يسكنها
اصبحوا الان متفرقين بين القرى
وبعد ذلك تجد من يقول
هذا لاجي ولا مكان له بيننا