الأخبار
أخر الأخبار

المعلمة سارة… نور التعليم في ظلام الحرب والنزوح* *بقلم: بدرالدين عبدالقادر*

*المعلمة سارة… نور التعليم في ظلام الحرب والنزوح*

*بقلم: بدرالدين عبدالقادر*
في عالمنا المعاصر، تتعدد الأمثلة التي تسلط الضوء على التحديات التي تواجه الأفراد في سبيل تحقيق أهدافهم. ومن بين هذه القصص المُلهمة، تبرز قصة المعلمة سارة الطيب الفكي التي تمثل رمزًا للإصرار والتحدي في وجه الصعاب، خصوصاً في ظل الظروف القاسية التي فرضتها الحرب والنزوح.

إنطلقت رسالة المعلمة سارة من قلب مدينة الشجرة في الخرطوم، حيث كانت تعمل بمؤسسة الغرس الطيب التعليمية التابعة لإدارة التعليم الديني وتعمل وفق منهج تاج الحافظين التي رفدت موسسات التعليم العالي بعشرات الحفظة والحافظات لكتاب الله الكريم .
ورغم نزوحها الأول من المدينة جراء الأحداث المأساوية، التي شكلت بداية جديدة في حياتها المليئة بالتحديات، لم تتراجع سارة أو تساوم على رسالتها التعليمية. بل واصلت عملها بتفانٍ وحماسة، متخذة من كل صعوبة فرصة للتطوير والابتكار.

ومع استمرار موجات النزوح، انتقلت سارة إلى قرية ودأبوعشر في ريف مدينة تمبول بشرق الجزيرة. ورغم الظروف الصعبة التي صاحبت النزوح الثاني إثر اجتياح مليشيات الدعم السريع للقرية، لم تتوقف سارة عن أداء رسالتها النبيلة. فقد أظهرت صموداً استثنائياً عندما قررت مواصلة عملها التعليمي في مدينة بربر، وسط حالة من الفوضى والنزوح الجماعي.

ورغم الأوضاع الإنسانية الصعبة التي يمر بها الأطفال نتيجة النزوح، كانت سارة الطيب قادرة على ابتكار حلول تعليمية ساهمت في تلبية احتياجاتهم. وبالتنسيق مع المعلمين الوافدين وإدارة المدرسة الشرقية، تمكنت من إنشاء صفوف دراسية خاصة لاستقبال الأطفال الذين فقدوا فرصهم التعليمية بسبب النزوح، حيث استفاد أكثر من ٥١٥ طالب وطالبة من هذه المبادرة في دوام مسائي .

لا تقتصر رسالة المعلمة سارة على تدريس المناهج الدراسية فقط، بل تسعى أيضًا لخلق بيئة تعليمية آمنة وملهمة، توفر للأطفال الراحة النفسية والاجتماعية. لقد أثبتت سارة الطيب أن التعليم يمكن أن يكون قوة محورية في مقاومة التحديات النفسية التي يعاني منها العديد من الأطفال في ظل الحروب والنزوح.

وفي ظل نقص الإمكانيات وغياب الدعم الكافي، كانت سارة قادرة على استخدام الوسائل المتاحة بأسلوب مبتكر، مستفيدة من الأدوات البسيطة ووسائل التعليم البديلة. لم تتوقف عن تعليم الأطفال مهارات الحياة التي تمكنهم من مواجهة تحديات المستقبل، بل وحرصت على تزويدهم بالأمل في غدٍ أفضل.

مبادرة المعلمة سارة الطيب وزملائها المعلمين تمثل نموذجاً ملهماً للتفاني والإصرار في خدمة التعليم، وتعكس بوضوح الدور الحيوي للتعليم في إحداث التغيير الاجتماعي والتنمية في المجتمعات، خصوصاً في أوقات الأزمات والصراعات.

إن سارة الطيب تمثل وجهاً آخر للنجاح في بلادنا، حيث تُظهر قوة الإرادة والصمود في مواجهة أصعب التحديات، وتؤكد أن العزيمة والإصرار لا يعرفان حدوداً. إنها تقدم درساً في التضحية والالتزام في سبيل الأجيال القادمة، وتؤكد أن العزيمة والإصرار لا يعرفان حدوداً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى